واعظات الأزهر وقضايا المرأة المعاصرة
صوت العالمبقلم/ هبة صلاح
مؤسِسة ومديرة مبادرة أصواتهن للسلام
كلما تعلمنا أدركنا أن ما نجهله أكثر مما نعلمه؛ وهذه قاعدة يعرفها كل باحث في شتى المجالات حيث إن الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ لكن السؤال: ماذا نفعل بما عِلمناه أو تعلمناه؟ وهل هناك من يعترف بجهله ببعض الأمور التي على أساسها يصدر الأحكام على الآخر؟
أتذكر عندما سألني زميل لي وهو باحث في دراسات النوع الاجتماعي وقال: هل تصنفين نفسك وأنشطتك على أنك "من المدافعات عن حقوق النساء"؟ لم تكن عندي إجابة عن هذا السؤال سوى أنني في موقع تصحيح للمفاهيم المغلوطة التي حرمت النساء من بعض حقوقهن بناء على تفسيرات خاطئة للنص الديني وبسبب تغلغل العادات والتقاليد السيئة التي تسود في مجتمعاتنا العربية.
تلك هي نفس المعادلة التي نعرضها في هذا السياق حول تعريف العمل الذي يقوم به "واعظات الأزهر" لدى مجمع البحوث الإسلامية، فالتعريف الشائع للمنهجيات المعاصرة للدفاع عن حقوق المراة هو السعي إلى تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين من خلال النص الشرعي أو المرجعية الإسلامية، لذلك في إطار عمل مبادرة أصواتهن للسلام، كان لابد أن نلتقي واعظات الأزهر الشريف باعتبارهن التجسيد العملي لهذا المفهوم الذي عرفه المجتمع على مدار الخمسين سنة الماضية، أي منذ ستينيات القرن الماضي، لذا انطلقت ورشة العمل منتصف فبراير 2021 والتقيت مجموعة من فريق واعظات الأزهر من 4 محافظات شملت القاهرة والجيزة ودمياط والغربية.
شاركت الواعظات مجموعة من التحديات التي يواجهنها أثناء عملهن في مجتمعات اعتادت على التعامل مع "الرجال" في مجال الدعوة وأخذ النصيحة الدينية، وكيف أنهن نجحن في وقت قصير لا يتعدى عام ونصف العام في تغير مفهوم تواجد النساء في مجال الدعوة والفتوى، حيث إن الفكرة السائدة هي أن النساء لا يصلحن إلا للتعامل مع قضايا "المرأة فقط".
هنا تكمن حقيقة ما تسعى إليه منهجيات المطالبة بحقوق المرأة وما نجده على أرض الواقع من عمل الواعظات، الفريق الأول يرى أن هناك حالة من الجمود في تناول قضايا المرأة داخل المؤسسة الدينية، بينما هناك بالفعل على أرض الواقع عمل دؤوب يتطور يومأ بعد يوم ويتواصل مع العالم بلغاته الحديثة على منصات التواصل الاجتماعي بلغة يفهمها كل شخص، بصرف النظر عن نوعه رجل أو امرأة، لكن الصورة النمطية السائدة عن المرأة داخل المؤسسة الدينية الرسمية مازالت تسيطر على العقل الجمعي، وهذا ما نود أن نوصله لكل من يهتم بصوت النساء في مجال الدعوة، إذا لابد أن ننتبه إلى صوت الواعظات ونشجعهن ويكون لدينا نقد بناء إذا كنا نريد فعلا تمكين حقيقي للمرأة داخل المؤسسة الدينية.